بعد تصريحاته حول الصحراء.. المغرب يُلغي زيارة المفوض الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي إلى الرباط ويعتبرها "غير مناسبة"
ألغى وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة اجتماعاً كان مقرراً، الشهر المقبل (شتنبر) في الرباط مع المفوض الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، معتبراً أن ذلك "غير مناسب".
ونقلت وكالة الأنباء الإسبانية EFI عن مصادر دبلوماسية، قولها إن الوزير المغربي ألغى الاجتماع المقرر دون إبداء أسباب هذا القرار، وهةو القرار الذي لم تنفه مصادر ديبلوماسية في اتصال مع موقع "الصحيفة".
وكان بوريل شدد في مقابلة الثلاثاء الماضي مع قناة TVE على ضرورة "التشاور مع الصحراويين" في أي حل للنزاع، وهو ما جعل المغرب يلغي زيارته إلى المملكة الشهر المقبل.
واعتبر بوريل أن "موقف الحكومة الإسبانية كان ولا يزال موقف الاتحاد الأوروبي. أي الدفاع عن إجراء مشاورات حتى يكون الشعب الصحراوي هو الذي يقرر كيف يريد أن يكون مستقبله، والحكومة الإسبانية لم تبتعد عن هذا الموقف"، بحسب بوريل.
وبعد هذا التصريح الذي تلقفته الجزائر وجبهة البوليساريو الانفصالية واعتبرته موقفا أوروبيا يدعم "حق تقرير المصير"، عجل جوزيف بوريل، الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، الأربعاء الماضي، بتوضيح التصريحات التي صدرت عنه للتلفزيون العمومي الإسباني، حيث أكد في مقابلة مع وكالة الأنباء الإسبانية الرسمية "إيفي"، أن موقف حكومة بيدرو سانشيز "لا يتعارض" مع ما يدافع عنه الاتحاد الأوروبي، كما أنه "يتناسب تماما" مع الموقف المشترك للدول السبعة والعشرين، مبرزا أن رئيس الحكومة الإسباني أعرب عن تفضيله لحل معين يعتبره الأنسب لهذه القضية، على اعتبار أن الحكومة الإسبانية أشارت إلى أن اعتماد الحكم الذاتي يجب أن يتم بتوافق بين أطراف النزاع.
وأعرب بوريل، عن احترام الاتحاد الأوروبي للمواقف التي تعبر عنها الدول، كما أن مدريد حين عبرت عن تفضيلها خيار الحكم الذاتي لم تتعارض مع الاتحاد، الذي يدافع على أن إنها مشكلة الصحراء يكون بحل متوافق بشأنه بين أطراف النزاع، وفي إطار قرارات الأمم المتحدة"، مبرزا أن هذا الأمر يتوافق بشكل خاص مع عمل المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ستافان دي ميستورا الذي يحظى بدعم أوروبي.
تصريحات بوريل حول الصحراء وإن حاول تعديلها لاحقا، دفعت الاتحاد الأوروبي إلى الخروج بتصريح يؤكد من خلاله عن دعمه لحل سياسي عادل، واقعي ومستدام، ومقبول من كلا الطرفين لقضية الصحراء، وفقا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لاسيما القرار 2602، مع الأخذ علما، على نحو إيجابي، بالجهود الجادة وذات المصداقية المبذولة من طرف المغرب قصد تسوية هذا الخلاف.
وقالت المتحدثة الرسمية باسم ممثل الاتحاد الأوروبي السامي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، نبيلة مصرالي، إنه "وكما كرر ذلك (...) الممثل السامي للاتحاد الأوروبي/نائب رئيسة المفوضية الأوروبية، جوزيب بوريل، باستمرار، فإن موقف الاتحاد الأوروبي واضح ويقوم على الدعم القوي لجهود الأمين العام للأمم المتحدة الرامية إلى التوصل لحل سياسي عادل، واقعي ومستدام، مقبول من كلا الطرفين لقضية الصحراء، وذلك على أساس التوافق ووفقا لقرارات مجلس الأمن الدولي، لاسيما القرار رقم 2602 المؤرخ بـ 29 أكتوبر 2021".
وفي سياق التعليق على التصريحات التي أدلى بها رئيس الدبلوماسية الأوروبية لوسائل إعلام إسبانية، أوضحت المتحدثة الرسمية في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن موقف الاتحاد الأوروبي تم تفصيله ضمن الإعلان السياسي المشترك بين الاتحاد الأوروبي والمغرب ليونيو 2019، والذي أخذ علما، على نحو إيجابي، بالجهود الجادة وذات المصداقية المبذولة من طرف المغرب، كما عكس ذلك القرار رقم 2602.
وأضافت أن "الاتحاد الأوروبي يظل ملتزما على نحو راسخ بدعم عمل الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ستافان دي ميستورا، ويشجع جميع الأطراف على الالتزام إلى جانبه من أجل استئناف العملية السياسية"، مؤكدة على "أهمية الحفاظ على استقرار المنطقة من خلال المزيد من الحوار وعبر اعتماد مقاربة بناءة".
غير وأنه وبالرغم من كل هذه التوضيحات، فضل المغرب أن يلغي زيارة المفوض الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، جويف بوريل إلى المغرب، الشهر المقبل، كما أن وزير الخارجية المغربي "تأسف لتصريحات جوزيب بوريل، ممثل السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي بخصوص الصحراء".
وأشار في هذا السياق في ندوة مع وزير الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، بالقول: إن موقف بوريل "لا يعكس الموقف الاسباني ولا حتى الأوروبي تجاه قضية الصحراء". مضيفا أن الأمور صارت أوضح لاحقا "بعد أن صرح القطاع الخارجي للاتحاد الاوروبي بأنه يثمن الجهود الجدية للمغرب في إطار الحل السياسي والحكم الذاتي". قبل أن يعود ويؤكد أنه وبقدر ما كانت التوضيحات التي جاءت بعد ذلك أكثر وضوحا، نتمنى أن تلك التصريحات كانت فقط "زلة لسان".
واعتبرت صحيفة "لاراثون" الاسبانية، إن المغرب قام بـ"قرصة أذن" لممثل الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، بسبب تصريحات الأخير التي كان قد أدلى بها مؤخرا وتحدث فيها على أن الموقف الإسباني والأوروبي لم يتغير بشأن الصحراء والمتمثل في إجراء استفتاء تقرير المصير.